**عصر النهضه الذهبي في ايطاليا **

كانت الفترة من عام 1500حتى 1550 تعد فترة حاسمة في تاريخ الفن و هي التي عرفت بعصر النهضه الذهبي في ايطاليا 
و لقد اخرجت لنا هذه الفترة فنانين عظماء امثال ( ليوناردو دافنتشي )،( رافائيل )،( مايكل انجلو ).
و غيرهم من الفنانين العظماء ..
وهذه الفترة كان من خصائص فنها التركيب و التعميم و محاولات الكشف عن القانون العام للظواهر .. كان الفنان في بداية عصر النهضه يأخذ القواعد الفنية من خلال دراسته للتراث الاغريقي و الروماني ..
لقد انطلقت الصيحات الفنية من على الاراضي الايطالية (فلورنسا)،(روما)،(ميلانو)..
كشف الفنانين في اعمالهم الفنية عن الجمال الكامن في الطبيعه ..
لقد تخطى الفنانين في هذا العصر التقاليد و المعتقدات للعصور الوسطى و حطموا قيودها و ذلك عندما عملوا على الارتقاء بحساسية الرؤية و الشعور ..

هكذا أصبحت المدن الايطالية مركزا للفنون فاحتضنت مدنها العباقرة و ذلك على سبيل المنافسة مع باقي المدن الاخرى ..

**مدينة فلورنسا ** كانت مهدا لنهضة الفن الايطالي وذلك يرجع الى فضل العائلة الحاكمة عائلة (مديتشي)لعنايتها بالفنون و ازدهارها ....




((ليوناردو دافنتشي))

ولد الفنان (ليوناردو) في بلدة (فينشي) من أم غير شرعية و ابوه (بييرودا انطونيو دافنتشي) عاش ليوناردو في بيت جدته و رعاية جدته ورث ليوناردو عن ابيه القوة و الصحه و حبه للحياة ..لقد عكف ليوناردو على رسم الاستكتشات و يدون الملاحظات ..
لقد تقسمت مراحل حياة ليوناردو الى 3 مراحل اساسية فلقد قضى :
*حوالي 30 سنه في فلورنسا ..
*20 سنه في ميلانو ..
* 19 سنه قضاه في الترحال ..
كان في ليوناردو حب روح الاكتشاف و السعي الى معرفة الحقيقة بطريقته الخاصة ..
لقد تمرس ليوناردو في صباه في مجال الايهامات البصرية مثل ؛قواعد المنظور و حيل استعمال الضوء و الظل ، وعكف ايضا على دراسة التشريح و العلوم و الرياضيات ، و أيضا كان اديبا و شاعرا ..
ان ليوناردو بحق يعد أحد الشخصيات العملاقة في عصره ، و يعد أيضا الفنان متعدد المواهب ..
و على يد ليوناردو و صلت التقنية و القدرة على تحويل الاصباغ الى مادة حية و ذلك بالاستخدام البارع للضوء ..
أصبح فن الرسم بالنسبة للفنان وسيلة للكشف عن حقيقة الاشياء ..
اصبح الفن بالنسبة لليوناردو يمثل له العلم الواسع الحدود و كذلك العلم اللذي لاينفصل عن الفن ..
حاول ليوناردو صناعة اللون و حاول ايضا صب التماثيل ..
كانت اول اعمال ليوناردو المعروضه هي صورة (الملاك) ، و قد تجاوز في هذه الصورة الحدود التقليدية للجمال و الواقع ..
لقد اثارت لوحات ليوناردو الاولى دهشة المعاصرين ، اذ تخطت حدود الجمال البشري ..
و تكشف ايضا لوحة البشارة  عن قدر كبير من الرقه و الجاذبية الصورية ..
جاءت لوحة ليوناردو ( البشارة) بمثابة علاقة جديدة بين الانسان و الطبيعة و بين ماهو بشري و ماهو الهي ..



((لوحة البشارة))


و ايضا من لوحات ليوناردو المشهوره ( عبادة المجوس)و (عذراء الصخور)و(القديسة حنة)صورت هذه اللوحة العلاقة الثلاثية بين (حنة و العذراء و الطفل)
و ايضا لوحة الموناليزا(الجيوكندا)


وايضا لوحة العشاء الاخير





(( مايكل انجلو ))


نشأ مايكل انجلو في مدينة (كاستل ) المتاخمة لفلورنسا ،، كان والده قد اراد ان يعده للاعمال التجارية ،فلم يفلح ‘ و اضطر ان يلحقه وهو في 13 من عمره بمرسم المصور الفلورنس الشهير ((جيرلاندايو))لمدة 3 سنوات وقد تعلم في مرسمه تقنية الفريسكو..
وفي اثناء ذلك ظهرت شدة ميل مايكل للنحت، مما لفت نظر (لورنزو دا مديتشي) فالحقه بمرسم المثال برتلدو ..
عندما انتقل مايكل الى بولونيا اصبح شغوفا بجمال الطبيعة و معجبا بالثقافة الاغريقية القديمة ..
عندما انجز مايكل عمله (كيوبيد نائما) كان على درجة فائقة من الاتقان ..لدرجة انه كان من الصعوبة تمييزه عن التماثيل الاغريقية القديمة..
ان مايميز فن مايكل هو الجمع بين مفهوم الحساسية الشديدة للمؤثرات الدينية و مظاهر الطريقة التي تتجلى في احلال عامل الاحساس في مكانة الانسجام ..
كان مبدأ الفنان في مجال التصوير ان يبرز الاشخاص من خلال سطح الرسم رغبة منه في ان تبدو كتماثيل ..
فهو النحات  البارع في تجسيد الاساطير الاغريقية و بخاصة من خلال اعماله التي انجزها في الفترة التي قضاها في فلورنسا ..
اما في روما فقد نحت تمثال ( الرحمه ) لكي يوضع في كنيسة القديس بطرس ..
اما التمثال العملاق اللذي يمثل (داوود) فقد استطاع مايكل ان يظهر فيه رشاقه ممتعه للبصر و ذلك من خلال صياغته لنموذج الجمال الارستقراطي ..
و الحقيقة ان هذا التمثال قد صنع من اجل ان يوضع في كاتدرائية فلورنسا ،الا ان القساوسة قد فضلو وضعه في الساحة المقابلة لقصر السيادة بفلورنسا اذ اعتبروه يبتعد عن تمثيل مضمون القصة الدينية (لداوود و جالوت الشرير)).
و كذلك نظرا لتمثيله للطراز الهليني اللذي يهتم بابراز العضلات و بالوقفات النموذجية ..
حظي التمثال بشعبية اهل فلورنسا حتى اصبح رمزا للمدينة..
(تمثال داوود)


أمر البابا يوليوس الثاني مايكل بزخرفة سقف كنيسة سيستينا بالفاتيكان بالصور .. فخشى مايكل ان يكون فشله في هذا العمل سببا في القضاء على سمعته كنحات مقتدر ..
بعد سنة من العمل ..كتب مايكل يقول ((هذه ليست صناعتي و انا انما اضيع الوقت عبثا))..
لكن مايكل انجز عملا عظيما و ابدعا فريدا..
بحق كانت معجزة جديدة و رائعة بتاريخ الفن .. فجعلت اسم مايكل من بين الاسماء المخلدة من بين المصورين ..
لقد رسم هذا الفنان 343 رمزا و هو مستلقي على ظهره ..



سقف كنيسة سيستينا بالفاتيكان


اما تمثال ( باكوس) فانه يجسد صورة الاله الاغريقي وهو في حالة الثمالة ..وهذا التمثال محفوظ بمتحف البارجيللو بفلورنسا ..

اما تمثال (موسى) وهو بكنيسة القديس بطرس بروما ،،ذروة عبقرية ابداع مايكل فلقد استطاع الفنان في هذا العمل ان يبعث في كتلة الحجر الطاقات التي تضفي على هذه الشخصية المقدسة نوعا خاصا من الحيوية ..

اما في التصوير الجداري ((يوم القيامة))بالفاتيكان ،يقدم لنا الفنان صورة للرعب و صيحة للخلاص  برمزيتها و قوتها الروحية و فيها يختفي عامل الانسجام المكاني لتكوينات عصر النهضه حيث المكان اللاحقيقي المتقطع و المبالغات المتغيرة للمبادئ التنظيمية ..
لقد استلهم مايكل مادة موضوع لوحة يوم القيامة من ملحمة الشاعر دانتي و كانت اللوحة قد نفذت على طبقة من الجص الطري ..
جزء من جدارية يوم القيامة..


تاثر مايكل في معالجته للصور البشرية بالمجموعه النحتية الهيلينية المعروفة بمجموعة اللاوكون التي رااها في مقبرة يوليوس الثاني ..






رافائيل سانزيو


ولد رافائيل في اوربينو و كان والده (جيوفانى دى سانتى) مصورا ..عندما كانت شهرة ليوناردو دافنتشي و مايكل انجلو تملاء الاسماع في انحاء فلورنسا ،كان رافائيل مايزال في سن العشرين حين اقتحم ميدان الفن في فلورنسا ..
لقد كان رافائيل جميل الطلعة حلو الحديث ..وهو من اكثر فناني القرن 16 الايطاليين تمثيلا لعصر النهضه الذهبي ..
فكانت تكمن قيمة فنه في كونه قد عمق منجزات اسلافه ..
كانت فلورنسا بالنسبه لرفائيل هي ليوناردو دافنتشي و مايكل انجلو ..
في الوقت اللذي انجز فيه رافائيل لوحاته (حلم الفارس )و (زواج العذراء)كان تاثير استاذه بيروجينيو واضحا ..
قد تميزت لوحة ((زواج العذراء ))بكونها اكثر حساسية للقيم الفراغية و تاكيدا على عنصر الاناقة الناضرة ..
لوحة زواج العذراء


اما لوحة (سان جورجيو و التنين )وهي محفوظه بمتحف اللوفر بباريس فتذكرنا برسوم الجياد التي رسمها ليوناردو ..
غير ان لوحة رافائيل تتميز ببنائها المعقد الذي يقوم على التباينات في الصياغات الضوئية و الظلية ..

تمثل لوحة انزال المسيح المحفوظة بمتحف بورجيزى بروما مشهد تاريخي تتميز فيه الوجوه و الاجسام بنعومة و ليونة رائعة
و تتمتع بتاثيرات دراميه صنعتها التدرجات اللونية الشفافة ..

**فرض رافائيل من خلال عظمة فنه نظرته الجمالية قرابة 3 قرون **

رسم رافائيل لوحات قدم من خلالها صورة الانسان المكتمل .. من ضمن هذه اللوحات لوحة ((عذراء سيستينا ))
استخدم الفنان هنا حيلة يتحقق بها محاكاة البعد الثالث وتعرف هذه الطريقة بالمنظور الضوئي ..

**في فن رافائيل بوجه عام يسود مبدأ المعيارية سيادة مطلقة ..بل و تختفي عناصر التلقائية والتي كانت قد ظلت ماثلة في فن ليوناردو **


اعجب الفنان رافائيل بتمثال (ابوللو بلفدير )) المحفوظ بالفاتيكان من الفن الاغريقي القديم مما اثر كثيرا في فنه ..

التصوير الجداري ((مدرسة اثينا ))لقد اظهر الفنان مقدرة فائقة في تمثيل الاشخاص في حركتها و تعبيرات وجهها و جمال وضعياتها في الفراغ ..
تشتمل اللوحة على الرؤية الابداعية و الخيال الذاتي ..
لوحة (مدرسة اثينا ) خير مثال يعبر عن عصر النهضة(الفلسفة و الجمال و الشعر والعدالة) وقد استخدم في هذا العمل عنصر الفراغ المكاني من اجل اداء وظيفي يتعلق بتوزيع الاشخاص ..
جدارية(مدرسة اثينا)

اما لوحة ((عذراء الغراندوقة ))

هي تعبر عن النموذج للكمال الهادئ الواضح والبسيط..
هناك تصوير جداري نفذه رافائيل للثري((اغسطينو تشيجي))
فقد اختار الثري موضوعا من ابيات الشعر في قصيدة ((فلورنتاين انجيلو بوليزيانو))
وتصف هذه الابيات كيف يغني المارد بوليفيموس اغنية الحب لعروسة البحر جالاتيا ..

**مايكل انجلو صعد الى قمة التفوق في السيطرة في مجال رسم الجسم البشري ..لقد استحوذت عبقرية رافائيل على اعجاب ليو العاشر فعهد اليه بتصميم سجادة لمصلى الكنيسة و قد نفذ هذا العمل كرائعة من روائع فنه ..